إن العقل النموذجي للعلاقات البشرية الحسية إنما هو استشفافاً ملهماً لغاية العواطف وقوة تأثيرها وهو خير شاهد على تلمس دور الغيرة في النفس البشرية وكل عاطفة أخرى نشعر بها في الحياة الإنسانية. وهو يوضح أن مشاعرنا وعواطفنا وأشواقنا العميقة هى مرشدنا الأساسي وأن جنسنا البشري يدين إلى حد كبير لقوة تأثيرها في كل شؤونه الإنسانية وهى قوة تأثير استثنائية.
هذه المقدمة سقتها حتى تكون بمثابة إطلالة لما أو التطرق إليه من خلال هذا البوست حتى نرى أن الغيرة – التي أود أتطرق إليها وهى غيرة ليست فيما بين المحبين أو العاشقين أو المتزوجين أو حتى ليست الغيرة التي بين الرجل والمرأة فيما يجمع بينهم في علاقة ودية أو عاطفية أو غيرها. إنما هى غيرة الرجل من الرجل.
كثيراً ما يقول صديقي ود المك بأن (......) وهو رمز من رموز الحركة السياسية في بلادي يشعر بالغيرة الشديدة من (.......) وهو الآخر رقم ورمز لا تتخطاه نفس ذو بصيرة إلا من امتلأ قلبه بأحقاد اجتماعية طبقية أو شعور بالدونية وأقصد هنا من ينتمون لمنطقتنا منطقة (محلية الفاروق) على وجه الخصوص، لأن ليس هناك ما يدعو لمثل تلك الأحقاد.
حقيقة لا يمكن تجاهلها وهى أن الغيرة هى من أوقعت بمنطقتنا إلى هذا الدرك ، فمعظم أهل المنطقة لا ينظرون إلى المصلحة التي ستعم بقدر نظرتهم للنجاح الذي سيحسب. فتبدأ الحرب وأي حرب ومن الخاسر وما هى الأسلحة المستخدمة؟؟؟ الكل يعرف الإجابات. فكم من مبادرة على المستوى الاجتماعي الضيق الذي يجمعنا هنا في الغربة – قد حوربت واستخدمت فيها الأسلحة المحرمة. وكان لي على المستوى الشخصي مبادرتين قد تمت محاربتهما حتى لا يكون هناك نجاح شخصي ينسب لشخصي الضعيف حسب وجهة نظر من حارب المبادرتين. فلو كان المحاربون يستخدمون هذه الحيل والأسلحة في المبادرات التي تفيد المجتمع لكان أفضل. إن البيلوجيين الاجتماعيين يشيرون إلى تفوق القلب على العقل في تلك اللحظات وذلك عندما يصلون لحقيقة لماذا أعطى التطور العاطفة مثل هذا الدور الرئيسي في النفس الإنسانية وذلك رغم أن كل منها يرشدنا إلى اتجاه أثبت فعالية للتعامل مع تحديات الحياة المتجددة. ولأن تلك المواقف المحبطة تكررت مراراً وتكراراً على مدى ليس بالقصير، فقد تجلت القيمة البقائية لذخيرتنا العاطفية في أنها أصبحت منطبعة في أعصابنا كنزعات داخلية وغريزية للقلب الإنساني.
هذه دعوة لنبذ الغيرة وبذر بذور المحبة والألفة والتعاون فيما بيننا لخدمة أهل المنطقة نحو ما يحقق لهم الخير والسعادة.